أريد أن أثير موضوعا ، من الأهمية بمكان ألا وهو : هل يعي كلا الزوجين معنى المسئولية ، العلاقة المشتركة ، الميثاق الغليظ فيما بينهما ، خاصة قبل الزواج ؟ فإذا كان الجواب ب(نعم) فلماذا يكثر الطلاق ، والزيجات الفاشلة تنمو بازدياد في المجتمع ؟وإذا كان الجواب ب (لا ) فلماذا لا نحث الخطى بتوعية لشباب رجالا ونساء ، بماهية المسؤلية وعظم القيام بها. فالحياة الزوجية شراكة بين اثنين ، فهل يستطيع الزوج لو دخل في مشروع ما وكان له شريك أو حتى الزوجة ألا يأخذ برأيه ؟طبعــــــــــــا لا إذن ما بال بعض الأزواج لا يعترف بهذه الشراكة ، ولا يأخذ برأي زوجته ولا مشورتها ، وهي كذلك ولو حتى من باب المجاملة ؟ تقول إحداهن : وقع زوجي في مشكلة عظيمة ، وكان لا يتكلم إلي بشيء أبدا ، وإن هاتفه أحد بخصوصها ، يخرج خارج المنزل ، حتى لا أسمع شيئا ، فهو يعتبر ذلك نقصا في رجولته ، أوعيبا أو خدشا في كبريائه ، عندما أشاركه حل ماصعب عليه ، مع العلم أن زوجته يقصدها الناس ، في حل مشاكلهم فقد أوتيت حكمة وعقلا سديدا .
والمسئولية قائمة أيضا عند إنجاب الأطفال ، وتربيتهم التربية الصالحة ، لا بتركهم للخدم ينشئون على معتقدات فاسدة . وعندما تمرض الزوجة ، وتريد من الزوج أن يكون بجانبها ، لاتجده بينما يجدها هو عندما يشاك و لو بشوكة ، أمامه تسهر على راحته وتؤمن له كل مايحتاجه .
إن كنت تبحث عن القلوب البيضاء ، عن الصفاء والنقاء ، عن عالمٍ لا يعرف الأحقاد ، عالمٌ يحنُ إليه بعض الكبار ، عالم مليء بالمحبة والوئام .
لو شعرت أن صدرك ضاق ، واشتقت أن تنعم بلحظةٍ ، تنسى معها الهموم والأحزان ، فاتَجه فوراً إلى الأطفال ، ، استمع إليهم ،اجلس و العب معهم ، ستجد أنَ البراءة تنطق من وجوههم ، والحب يملئ قلوبهم لكن وســـــــــــــأقف طويــــــــــلاً : هذه البراءة قد تغتال ، ومن أقرب النَاس إلى ذلك الطفل ، وهما والديه ، فالأمُ على سبيل المثال تتوعد طفلها دائماً وتقول له : ( ياويلك إذا لعبت مع ولد عمِك ، أو نزلت فسلَمت على جدتك ) أو ( إذا ضربك ولد خالتك فاضربه بقوَة ) أو ( إذا جاء ولد عمَتك فلا تجعله يلعب بألعابك ) أو ( خذ هذه الحلوى فوزعها على أصدقائك إلا فلان لا تعطيه لأنه ضربك ) و في بعض الأسر الكبيرة ، يحرص الأب ،على جمع أولاده المتزوجين ، سواء معه في البيت ، أو بجوار منزله ، بحيث لا يفصلهم شيء ، وقد يكون هذا التجمُع وبالاً على بعضهم ، والسبب احتكاك الأطفال بعضهم ببعض ، وكم سمعنا من المشاكل التي كان سببها عراكٌ بين طفلين ، حتى أنَها قد تصل إلى قطيعة الرَحم وهذا كله يرجع إلى أم وأب ، لا يتعلم الطفل منهما، سوى الأوامر فينشأ على العدوانية ، و الأنانية ، والكذب . حتى أنني أعرف من الأسر، التي لا يعرف الصغير ، خاله من عمِه ، ولا عمَته من خالته ، تجد الأب عندما يكتضُ مجلسه يشير إلى ابنه : سلَم على عمِك ، والطفل حائرُ لا يعرف من هو من بين تلك الجموع .
نداءٌ حائر إلى آباء المستقبل : لا تقتلوا براءة أطفالكم ،ولا تقحموهم في مشاكلكم ، ولا تحمِلوهم فوق طاقتهم ، وأحسنوا تربيتهم فهم البذرة التي ستحصدون ثمارها غداً .