بقايا ورق متناثرة
بقايا ورق مُتناثرة جعلت ُأُقلِبُ فيها النظر ، وأشُمُ عِبقَ الذكرى وأبتسمُ
أثناء تصفُحِها .
مُدةٌ من الزمن مضت على كتابتها .
رُغم رداءة خطِها إلا أنها لازالت تحتلُ مكانةً كبيرةً بين أوراقي .
دونتُ فيها أجمل لحظات عُمري .
تذكرت وأنا أُقلِبُها أُناساً عاشُوا بيننا لا يزالُون في قُلُوبنا .
نُحِبهم وندعو الله لهم ، ونحلُمَ أن نلتقيهم يوماً ما .
ديار بعيدة
ديار بعيدة ، وسفر طويل ، شد رحاله من شد ، وأبطأ من أبطأ ، وصل القليل ، ومات البعض في الطريق ، دموع تنهمر ، وذكريات في القلب تندثر ، ويبقى العمل الصالح والذكر الحسن .
قال ابن القيم رحمه الله : ( إنما يقطع الطريق ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل ، فإذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى يصل إلى مقصده ) .
قف وتأمل
قف وتأمل إشراق الشمس يوما ، ستبتسم ممتعضا ، ومادخلي أنا ؟؟
انظر كيف ينبثق النور ، بعد ليل سرمدي طويل ، بعد مخـــــــــــــاض ألـــــــــــيم ، يولد معه الإنسان صغيرا ، ويكبر مع الأيام . لن تملك إلا أن تقول : (سبحان الله ) .
وانتظر وقت الأصيل غروبها ، ستجد أن جميع جوارحك تنطق لا شعوريا ب ( سبحان الله ) . يوم كامـــــــــــــل ينتهي بل هو العمر يمضي سريعا .
وإذا ضقت ذرعا من الدنيا ، فتأمل القمر في السمــــــــــاء ، وراقبه وانظر منازله ، وكيف يبدو ضئيلا حتى يتلاشى ، وينبثق هلال آخر ، حتما ستقول : (سبحان الله العظيم )
* ومضة *
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاكهةُ الشتاء
فاكهة الشتاء هذه الأيام فمن منا لا يُشعل النار ويتلذذ بدفء السَمر ؟
لكن أردت أن أقف وإياكم على نشأة هذه النار قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ * ) الواقعة 71 -73
قوله : ( التي تورون ) أي توقدونها من قولهم : أورى النار إذا قدحها وأوقدها ، والمعنى : أفرأيتم
النار التي توقدونها من الشجر أأنتم أنشأتم شجرتها التي توقد منها ، أي أوجدتموها من العدم ؟
وقوله هنا ( أأنتم أنشأتم شجرتها ) أي الشجرة التي توقد منها كالمرخ والعفار ،
ومن أمثال العرب في كل شجر نار ، واستنجدالمرخ والعفار ، لأن المرخ والعفار
هما أكثر الشجر نصيباً في استخراج النار منهما ، يأخذون قضيباً من المرخ ويحكمون به عوداً من العفار فتخرج من بينهما النار .
وقوله : ( نحن جعلناها تذكرة ) أي تذكر الناس بها في دار الدنيا إذا أحسوا
شدة حرارتها . نار الآخرة التي هي أشد منها حراً لينزجروا عن الأعمال المقتضية لدخول النار ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أن حرارة
نار الآخرة مضاعفة على حرارة نار الدنيا سبعين مرة .
وقوله ( ومتاعاً للمقوين ) أي منفعة للنازلين بالقواء من الأرض ، وهو
الخلاء والفلاة التي ليس بها أحد ، وهم المسافرون ، لأنهم ينتفعون بالنار
انتفاعاً عظيماً في الإستدفاء بها والإستضاءة وإصلاح الزاد .
وخص الله المسافرين ، لأن نفع المسافر بها أعطم من غيره ، ولعل السبب
في ذلك لأن الدنيا كلها دار سفرٍ ، والعبد من حين ولد فهو مسافرٌ إلى ربه ؛فهذه
النار جعلها الله متاعاً للمسافرين في هذه الدار وتذكرةً لهم بدار القرار .
لكن تلك المنافع للنار تجعلنا لانستهين بها فنشعلها ليلاً ونتركها لأن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن ذلك فقال : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) رواه البخاري .
وقال : ( إن هذه النار إنما هي عدوٌ لكم ، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم ) رواه البخاري .
قال ابن حجر : ( قال القرطبي : [ في هذه الأحاديث أن الواحد إذا بات ببيت ليس فيه غيره وفيه نار فعليه أن يطفئها قبل نومه أو يفعل بها مايؤمن معه الإحتراق ، وكذا إن كان في البيت جماعة فإنه يتعين على بعضهم وأحقهم بذلك آخرهم نوماً ، فمن فرط في ذلك كان للسنة مخالفاً ولأدائها تاركاً ] ).