( كان يحمل الماء إلى البيوت في مكة وجدة، السقاؤون، وقد بقي ذلك في البيوت القائمة على الجبال أمامنا إلى عهد قريب، أراهم من شباك داري في أجياد، يحمل السقاء الصفيحتين ممتلئتين ويرجع بهما فارغتين، من الصباح إلى المساء، فماذا تكون حاله لو أرحته النهار كله، ثم جمعت الصفائح كلها، فكلفته أن يصعد بها الجبل مرة واحدة؟ ألا يعجز عنها ويسقط تحتها؟
هذا الذي يصنعه أكثرنا في شهر الصيام، نريح المعدة من الفجر إلى المغرب فإذا أذن المغرب شمرنا وهجمنا، نشرب ونشرب، ونأكل ونأكل، نجمع الحار والبارد، والحلو والحامض، وكل مشوي ومقلي ومسلوق، كمن يضع في الكيس بطيخاً، ثم يضع خلال حبات البطيخ تفاحاً، ثم يملأ ما بين التفاح لوزاً، ثم يفرغ على اللوز دقيقاً، حتى لا يدع في الكيس ممراً يمر منه الهواء.
هذا مثال ما نضعه على مائدة الإفطار، فيتحول ذلك شحماً نحمله ونمشي به فترى ناساً منا، (وأنا مع الأسف من هؤلاء الناس) لهم بطون حبالى في الشهر الخامس عشر! غير أن الحبلى تلد فتضع حملها، ويخف عنها ثقلها، والحبالى من الرجال لا يلدون ولا تلقى عنهم أثقالهم أبداً )..