من كلام ابن القيم الجوزية

قال ابن القيم الجوزية :

( وتأمل حكمة الرَب تعالى في كونه أخلى الكفين والجبهة والأخمصين من الشعر . فإن الكفين خلقا حاكمين على الملموسات فلو حصل الشعر فيهما لأخل بذلك ، وخلقا للقبض ، وإلصاق اللحم على المقبوض أعون على جودته من إلتصاق الشعر به . وأيضاَ فإنهما آلة الأخذ والعطاء ، والأكل ، ووجود الشعر فيهما يخل بتمام هذه المنفعة .

وأما الأخمصان فلو نبت الشعر فيهما لأضر بالماشي وأعاقه في المشي كثيراً ممايعلق بشعره مما على الأرض ، ويتعلق شعره بما عليها أيضاً . هذا مع أن أكثر الأوتار والأغشية في الكفين مانع من نفوذ الأبخرة فيها . وأما الأخمصين فإن الأبخرة تتصاعد إلى علو ، وكلما تصاعد كان الشعر أكثر . وأيضاً فإن كثرة وطء الأرض بالأخمصين يصلبهما ويجعل سطحهما أملس لاينبت شيئاً ، كما أن الأرض التي توطأ كثيراً لاتنبت شيئا .

وأما الجبهة فلو نبت الشعر عليها لستر محاسنها ، وأظلم الوجه ، وتدلى على العين . وكان يحتاج إلى حلقه دائماً ، ومنع العينين من كمال الإدراك . والسبب المؤدي إلى لذلك أن الذي تحت عظم الجبهة هو مقدم الدماغ ، وهو بارد رطب ، والبخار لايتحرك منحرفاً إلى الجبهة ، بل صاعداً

إلى فوق ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *