مع أنفاس الشتاء الباردة ، وهبوب الرياح النديِة الماطرة ، نتحلق حول مدفأةٍ ، نحتسي خلالها فنجاناً من القهوة الساخنة ،ولا بأس بكوبٍ من الشاي أو الزنجبيل لنشعر بالدفء .
في ليالي الشتاء ، الأمطار تهطل بغزارة ، والرعد بصوته القوي ، يقطع سكون الليل ، وينعكس على زجاج النافذة ، وميض لبرق خاطف ، تدثرت بغطاءي ، وهممت أن أنام ،ولكن جال في خاطري من ينامون في العراء ، بلا طعام وبلا كساء ، يفترشون الأرض ، ويأكلون أوراق الشجر ، لا يجد الفرد منهم كسرة خبزٍ ، ولا مذقة لبن ، ولا شربة ماء .
حالهم في فصل الشتاء يرثى له أتعلم لماذا؟
لأن البرد كالعدو الذي يريد أن يهجم عليهم ، فيستأصلهم من الأرض . وآخرون فقدوا من يعولهم ، فشعروا ببرود عام لا أم ولا أب يسأل عنهم ، يعتني بهم ، يكفكف دموعهم ، يحتضن آلامهم ، يحقق آمالهم .
هم أيتام بحاجةٍ إلى دفء مشاعرنا ، صدق محبتنا ، قربنا منهم . هؤلاء وهؤلاء الكُلُ بحاجةٍ إلى دفءٍ من نوعٍ آخر .
وقفة :
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية : ( إن الشتاء قد حضر فتأهبوا له ، فإن البرد عدوٌ سريعٌ دخوله ، بعيدٌ خروجه ) .