شجرة طلح

 

لم تكن شجرة عادية علَّقتُ عليها بعض هواجسي وسرحتُ بأفكاري بعيداً خلف الشمس .

لم تكن أطياف الشفق إلا إغفاءة حلم

تنهيدة المُتعبين يُطلقونها في الفضاء الرَّحب .

يزرعون الحُبَّ ، ينامون في أمان ، قلوبهم طيِّبة ، يحصدون الثناء .

البساطة والغِنى رُغم قِلَّةِ ذات اليد ، الابتسامة لا تفارقهم .

( من بين الكثبان )

في قلب الصحراء واحةٌ غنَّاء تقصِدُها الطيور والمواشي ، تشربُ من نبعٍ صافي ، لا تكدره كثرة الأنفاس .

يتحلَّقُ النَّاس ويشربون القهوة والشَّاي ، وفاكهة الشِّتاءِ تتوسطهم وشبَّةُ نار .

في ليالي الشِّتاء يحلو السَّمرُ مع الأحباب .

أنفاسُ الليل تبدو هادِئة ، وعيونه وادعة ، والنُّعاسُ يبدو كلِّصٍ يسرِقُ لِحاف .

التأمُلُ في النجومِ متعةٌ أخرى وتقليب النَّظرِ مرَّةً أُخرى في السَّماء .

رِحلةٌ برِّيَّة أو سَمِّها كَشْتَة بِالعَامِيَّة

تنفضُ عناءَ الأيَّام ، وتُنعِشُ رِئتَيك بِهواءٍ مُتجدد بعِيداً عن أجواءِ المدينة الصاخبة وقبضة الروتين .

سأظلُّ مُمتنَّة لتلك الصورة التي نقلتني إلى قلب الصحراء دون أن أبرح مكاني أو أُحَرِّك قدماي .

 

 

 

لا .. شكراً

حين يُسدى إليك معروفاً فإنك تبادر لشكر ذلك الإنسان

الذي لم ينساك ، تحمل له المودة والتقدير ، وتسعى بأن تخدمه متى ما سنحت لك الفرصة .

البعض لا يشكر ولا يعتبر خدمتك له سوى واجب عليك إتمامه .

وهُنا تبدأ العلاقة بالتراخي ثم الجفاء يعقبها المقاطعة لذلك الشخص وعدم الاحتكاك به .

حين تُفضل الغير على نفسك ، وتعاملهم كما تحب أن يعاملك غيرك ، يأتي من يكسر القاعدة ، فيكون جرس تنبيه لك ،

فتتنبه بأن بني آدم مختلفين ، هناك من يستغلك ويطلب منك

أكثر من حاجته ، هناك من يحفظ الود ويحرص على كسبك ، وهناك من يعاملك بالمثل .

لا شكر على واجب يقولها الإنسان الخدوم فتنقلب وبالاً عليه .

إذا لم تستطع أن ترد المعروف فلا أجمل من قول جزاك الله خيراً أو شكراً كامتنان .

 

مشاري العرادة

مُنشِد الخير

غيب الموت صوتاً عذباً لطالما سمعناه يشدو

بكل جميل . رحل في سن مبكرة إثر حادث سير ، فُجِع الناس لأنهم حفظوا معظم أعماله ربما عن ظهر قلب .

ومن منا لم يسمع ب : ” فرشي التراب ” ،

” أمي فلسطين “، ” أقبلت يا رمضان الخير مشرقة “؟!

إنك لتدرك شدة عنايته باختيار القصائد ذات القيم الإنسانية ، وتفرده بأجمل الألحان .

لقد كان للراحل هدف يسعى إليه ، ورسالة يود

إيصالها لكل متلقي ، وقد وصلت .

نفتقد حقيقة بعد وفاته للمنشد القدوة ، والإنسان الحريص

على تقديم أفضل مالديه من أجل الأمة .

لقد تعلق الشباب بسلسلة يا رجائي الخالدة

حتى الآن ، وعرفوه بها .

ومنذ ذلك اليوم وتلك الحنجرة لم تجد من يشبهها

أو يكررها .

رحيل أشبه بالحلم ترك غصة في قلوب محبيه

الذين لم يكن يوم الأحد ليمر مروراً عادياً ، فقد

اتَّشح بالسواد .

حين يخطف الموت منا الأحبة في غفلة منا ومنهم

يكون الألم موجِعاً .

لكن عزاؤنا هو ثناء الناس عليه وهم شهود الله في أرضه .

رحم الله مشاري العرادة مُنشد الخير وأسكنه فسيح

جنانه ، وألهم ذويه الصبر والسلوان .

إنا لله وإنا إليه راجعون .

أمل عبدالله القضيبي / الرياض