ثم لوحت لي بالوداع

تقول محدثتي :

كنتُ أُصغي إليها مُطرِقةً وهي تقول :
صدقيني الزواج همٌ وشقاءٌ ومشاكلٌ لا تُطـــــــــاق
واحمدي الله أنك الآن بلا زواج فأنتِ في نعمةٍ
كبيرة
واستمرت في الحديثِ عن زوجِها الأناني وعنجهيته
واستبداده وإحكامه السيطرة على المنزل وحبهُ للتملُك
ومنعها من الضروريات وحبسها هي وأطفالِها في المنزل .
شعرتُ أنني كرِهتُ مجرد التفكير في هذا الأمر من
كلامها المتواصل كمن يزرع الألغام في مساحةٍ
خضراء جميلة
تمنيتُ أن تصمُت لأني وصلتُ لحالةِ إحباطٍ شديد
واسودت الدنيا في عيني أكثر مما سمعت
وقلتُ : وأي شيءٍ أرجوه بعدما قالته لي عن حياة
زوجية تعيسة من بدايتها
أمعقول أن يُشرع الزواج ويكون هناك من ينصح
بعدمه ؟

ألا يكفي من ذلك أنه سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة
وأتم التسليم والأنبياء من قبله ؟

قال تعالى : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ) 38 . الرعد

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)
متفق عليه

قطع حبل أفكاري رنين هاتفها المحمول وإذ به زوجها التي كانت تتكلم عنه وتكيلُ له الشتائم
يدعُوها لعشاءٍ في مطعمٍ راقٍ
لملمت حاجياتها ولوحت لي والبسمة تتراقص من شفتيها بالوداع
وكأن هذه الدعوة جاءت لتناقِض جميع ما قالتْ

ماذا تخشى أمثال هؤلاء النسوة ؟
ولماذا ينشرن مثل هذا الكلام لفتيات مُقبلاتٍ على الحياة بتفاؤل وأملٍ كبير
لماذا يتحدثن بتشاؤم وهن يعشن حياةً كريمة مملوءةً بالحب
لماذا المُبالغة ؟

تساؤلات عديدة لم أجد من يرد عليها ؟

يقول الدكتور عبدالكريم بكار : ( إننا حين ننظر في ملامح تكوين كل منهما نجد أن الرجل خلق ليعيش
في جوار المرأة ، كما أن المرأة خُلقت لتعيش في جوار الرجل ؛ إذ إن كل واحد منهما محتاج حاجة شديدة
إلى الآخر ، كما أن كلاً منهما يوفر للآخر من الأنس والأمان والرعاية ما يجعل حياته هانئة وسعيدة )

وفي سياق حديثه بين الدكتور بكار الحكمة من الزواج :

الأول : تحصين النفس من الإنحراف ، وإعفاف العين عن النظر إلى الحرام ، وكلكم يعرف قوله صلى الله

عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ، فليتزوج ،فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ،

ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) متفق عليه

إن هذه دعوة صريحة إلى الحرص على الزواج وإلى الحرص على التبكير فيه ؛ وأي شيء أجمل من أن

ينجب الإنسان أولاده وهو شاب ، فيستمتع بهم ، ويستمتعون به مدة طويلة من الزمــــــــان – بإذن الله –

كما أن الأبوين الشابين يكونان أقدر على فهم مشاعر أبنائهما واحتياجاتهم وأقدر على تربيتهم وتعليمهم

الثاني : إشباع عاطفة الأبوة والأمومة التي فطر الله تعالى عليها الرجال والنساء ، وهذه من بركات الزواج

إن الأطفال هم بهجة الحياة ، وبهم ينسأ الله في آمال الإنسان، ويمد في نظره للمستقبل ، كما أن الصالحين

منهم يضيفون باستمرار الحسنات إلى رصيد آبائهم وأمهاتهم والذين كانوا السبب في وجودهم وإصلاحهم

إن الله جميل يحب الجمال

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أتعجب من زوجٍ يطلبُ من زوجته أن تتجمل له بينما لا يُكلف نفسه

تعديل هندامه ، أو حف شاربه  ، أو حتى تخليل ما بين أسنانه .

وأتعجب من امرأةٍ تشتري من الملابس والعطور والحُلي ماشاءت

ثم لا يكون لزوجها نصيب من هذا كله بل هو فقط للمُناسبات

والسهرات .

قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله جميلٌ يُحب الجمال ) رواه مسلم

وقد قال عبد الله ابن عباس- رضي الله عنهما- عندما: (إني أحب أن أتجمل لزوجتي، كما أحب أن تتجمل لي)

فما أحوج الزوجين للتجمل لبعضهما

الجمال مطلوب لحياة زوجية سعيدة تدوم



أيها الأمل مــــــا أوسعك

وقف أمامي، طفلٌ لم يتجاوز عمره السابعة، نحيل الجسم، رث الهيئة، مكسور الخاطر حدَّ التحطم!!

التقت نظراتنا للحظة، ثم قَبِلتُ وجوده في منزلي، فهو أخٌ لزوجي، توفي والده وهجرته أمه، فتنازعته أيدي الشقاء وهو بين زوجات أبيه وإخوانه، فالتقطته يد زوجي بعد أن وجده جائعاً، منطوياً أمام إحدى الحدائق العامة!

لم يكن عمري يتجاوز الخمسة عشر عاماً حين أدخلته الحمام وغيّرتُ ملابسه بعد أن أخذ مني جهداً في التنظيف من وعثاء التشرد!

ولم أستطع قط نسيان ابتسامته حين رأى نفسه نظيفاً لأول مرة.. قدمت له الطعام فالتهمه وهو يرمقني بنظرة الامتنان!

دخل المدرسة وتابعتُ دراسته حتى بعد أن أنجبتُ أبنائي، وحين وصل لنهاية المرحلة المتوسطة توفي زوجي ليتركني مع أبنائي الثلاثة وأخيه (ابني الأكبر طارق).. فوجدت نفسي لأول مرة بمواجهة الترمل والفقر والحيرة، وأنا لم أبلغ الثالثة والعشرين من عمري.. ولإجادتي الحياكة أصبحت هي مورد الرزق الوحيد لإعالة أبنائي الأربعة.

كان (طارق) يذهب برفقتي للسوق لشراء الأقمشة، كما كان يقوم بإيصال الملابس بعد حياكتها للزبائن والمحلات التي تبيعها، وتأخذ نصيبها وتسلمه نصيبي.. وكان يشاركنا المنزل برغم حجابي المحكم، حيث يتخذ من ملحق المنزل مسكناً.. ويقاسمني المسؤولية ويساعدني في تحمُّل رعاية الأبناء ويقوم بتدريسهم ومتابعتهم.. ولم يتبرم قط من طعامٍ أو لباسٍ أو معيشة.

ولم تكن الإجازة راحةً واستجماماً، بل كان يستثمر وقتها بعملٍ شاق عدا عمله المسائي أثناء الدراسة، فهو يحلم بشراء سيارة للتنقل ولتوصيل أبنائي لمدارسهم، فهو عمهم الذي ما فتئ يشعر بالمسؤولية والأمانة تجاههم، والإحساس بالجميل لم يبرح مخيلته قط.

وها هو يتخرج في الجامعة مهندساً ويُحضِرُ لي شهادته مؤطرة بكرم أخلاقه وشهامته التي لم تنفد، ولم تتبدد وسط أمواج عاتية من مآسي الحياة وإغراءاتها.

وحين بلغ طارق من العمر ثلاثاً وعشرين سنة، فارع الطول، وسيماً شهماً كريماً بسيطاً، كانت كل فتاة تتمنى الاقتران به.. وكنت أتساءل حينها كلما رأيتُ فتاة: ترى هل ستملأ عين طارق؟ وهل ستستطيع تحقيق آماله وطموحاته؟ أخشى أن تجرحه بكلمة أو تخدش مشاعره بتصرفٍ أحمق!

في ليلة عجيبة كأني سمعتُ دوي انفجارٍ عنيف، وأنا أستمع لأخي يطلق تساؤلاً أعجب: (طارق تقدم خاطباً لك، فهل توافقين يا نوال)؟!

يا إلهي.. هل أتزوج ابني؟! إن طارقاً بالفعل ابني! كيف لامرأة أن تتزوج ابنها؟! وكان عمري إحدى وثلاثين سنة وولدي الأكبر على مشارف الثانوية!

رفضتُ وبكيت، ولكنه لم يملْ ولم ييأسْ! حيث وسَّط كل معارفه وأقاربه واستنجد بأبنائي.. بل إنه خاطَب حتى الجمادات، فلا تعجب حين تراه يُكلِّم جداراً أو حجراً ليقول له: أرجوك أن تقنع نوال بالزواج مني، وأعدها أن أسعدها كما أسعدتني!

تقول نوال: وتزوجته وأنا في كامل خجلي، ولم أستطع أن أنظر إلى وجهه، وأنا أتذكر تلك النظرة الوحيدة حين استقبلته وهو صغير وكان في حالة بؤس وشقاء! وهو اليوم أمامي بكامل هيئته وهندامه، وهيبته! ولأول مرة أنظر له ملياً لألمح في عينيه نظرة الحب والامتنان!!

فأي مكافأة يا ربِ تمنحني إياها بعد رحلة الفقر والترمل والشقاء! وأي عملٍ جميل فعلته لتجزيني – ربي – بهذا الجزاء؟! فإن كنتُ قد عشتُ ثلاثين سنة شقاء، فإنني وأنا الآن في الخمسين قد نسيتها تماماً، وأتذكر أنني عشتُ مع طارق ثمانية عشر عاماً ثرية بالعطاء والسعادة.. وها هو فهد ابننا الأكبر يستعدُ لاجتياز امتحان القدرات.. وأنا وأبوه نعيش لحظات ترقُّب ووجل!

حين التفت أبوه نحوي والتقت نظراتنا تذكرنا لحظات الترقب والهلع خوفاً من أن ترد بضاعتنا من الخياطة التي كنا نقتات منها وتحفظ كرامتنا عن سؤال الآخرين.

ولا أحسبك متعجباً من رحمة ربي وزوجي يحتضنني ويربتُ على كتفي ويداعب شعري ويمسح دمعتي ويعدني بأن فهداً سيجتاز امتحان القدرات بامتياز ويدخل الجامعة، ويصبح مهندساً كوالده!

حينها غرقتُ بالبكاء لأتنهد بتفاؤلٍ وأقول: أيها الأمل… ما أوسعك!!

رقية الهويريني

المجالس الفارهة

عندما لا يبقى في المجالس الفارهة والقصور الشامخة  سوى ابتسامة تائهة

فالرسمية والتكلف على رؤوس الجميع جاثمة

حين لا يشعر الإنسان بطعم القرب وصلة الرحم التي لأجلها حضر

فبريق الأنوار  يخطف الأبصار

وقطع الأثاث  النفيس  يملىء المكان  إلا الأنفاس

فلم يحسب لها حساب

أرواحٌ تلتقي لتفترق

وأنفاسٌ تختنق لتعيش

المسئولية بين الزوجين

أريد أن أثير موضوعا  ، من الأهمية بمكان  ألا وهو  :  هل يعي  كلا الزوجين  معنى  المسئولية ، العلاقة  المشتركة  ،  الميثاق الغليظ فيما بينهما ،  خاصة  قبل  الزواج ؟ فإذا كان  الجواب ب(نعم) فلماذا  يكثر  الطلاق  ،  والزيجات  الفاشلة  تنمو بازدياد في  المجتمع ؟وإذا  كان  الجواب  ب (لا )  فلماذا  لا نحث الخطى  بتوعية لشباب رجالا ونساء ، بماهية  المسؤلية وعظم القيام بها. فالحياة  الزوجية  شراكة  بين  اثنين  ، فهل يستطيع الزوج لو دخل في  مشروع  ما  وكان له  شريك  أو حتى  الزوجة ألا يأخذ برأيه ؟طبعــــــــــــا  لا                                                         إذن ما بال بعض الأزواج لا يعترف  بهذه  الشراكة  ، ولا يأخذ  برأي  زوجته  ولا مشورتها  ،  وهي كذلك ولو حتى من باب المجاملة ؟  تقول إحداهن :  وقع زوجي في مشكلة  عظيمة  ، وكان لا يتكلم  إلي بشيء أبدا ،  وإن هاتفه  أحد  بخصوصها ، يخرج  خارج  المنزل ،  حتى لا أسمع  شيئا ، فهو  يعتبر ذلك نقصا في  رجولته ، أوعيبا  أو خدشا في كبريائه ، عندما أشاركه حل  ماصعب عليه ، مع العلم أن زوجته يقصدها الناس ، في حل  مشاكلهم فقد  أوتيت حكمة  وعقلا  سديدا .

والمسئولية قائمة أيضا عند  إنجاب  الأطفال  ،  وتربيتهم  التربية  الصالحة  ،  لا بتركهم  للخدم  ينشئون على معتقدات فاسدة  . وعندما تمرض  الزوجة ، وتريد من  الزوج  أن  يكون  بجانبها  ،  لاتجده  بينما  يجدها  هو  عندما  يشاك و لو  بشوكة ، أمامه  تسهر  على  راحته  وتؤمن  له  كل  مايحتاجه  .

أين  تشاطر  المسئولية  ،  أين   الإحساس   بها   !!