إن كنت تبحث عن القلوب البيضاء ، عن الصفاء والنقاء ، عن عالمٍ لا يعرف الأحقاد ، عالمٌ يحنُ إليه بعض الكبار ، عالم مليء بالمحبة والوئام .
لو شعرت أن صدرك ضاق ، واشتقت أن تنعم بلحظةٍ ، تنسى معها الهموم والأحزان ، فاتَجه فوراً إلى الأطفال ، ، استمع إليهم ،اجلس و العب معهم ، ستجد أنَ البراءة تنطق من وجوههم ، والحب يملئ قلوبهم لكن وســـــــــــــأقف طويــــــــــلاً : هذه البراءة قد تغتال ، ومن أقرب النَاس إلى ذلك الطفل ، وهما والديه ، فالأمُ على سبيل المثال تتوعد طفلها دائماً وتقول له : ( ياويلك إذا لعبت مع ولد عمِك ، أو نزلت فسلَمت على جدتك ) أو ( إذا ضربك ولد خالتك فاضربه بقوَة ) أو ( إذا جاء ولد عمَتك فلا تجعله يلعب بألعابك ) أو ( خذ هذه الحلوى فوزعها على أصدقائك إلا فلان لا تعطيه لأنه ضربك ) و في بعض الأسر الكبيرة ، يحرص الأب ،على جمع أولاده المتزوجين ، سواء معه في البيت ، أو بجوار منزله ، بحيث لا يفصلهم شيء ، وقد يكون هذا التجمُع وبالاً على بعضهم ، والسبب احتكاك الأطفال بعضهم ببعض ، وكم سمعنا من المشاكل التي كان سببها عراكٌ بين طفلين ، حتى أنَها قد تصل إلى قطيعة الرَحم وهذا كله يرجع إلى أم وأب ، لا يتعلم الطفل منهما، سوى الأوامر فينشأ على العدوانية ، و الأنانية ، والكذب . حتى أنني أعرف من الأسر، التي لا يعرف الصغير ، خاله من عمِه ، ولا عمَته من خالته ، تجد الأب عندما يكتضُ مجلسه يشير إلى ابنه : سلَم على عمِك ، والطفل حائرُ لا يعرف من هو من بين تلك الجموع .
نداءٌ حائر إلى آباء المستقبل : لا تقتلوا براءة أطفالكم ،ولا تقحموهم في مشاكلكم ، ولا تحمِلوهم فوق طاقتهم ، وأحسنوا تربيتهم فهم البذرة التي ستحصدون ثمارها غداً .