( وتأمل حكمة الرَب تعالى في كونه أخلى الكفين والجبهة والأخمصين من الشعر . فإن الكفين خلقا حاكمين على الملموسات فلو حصل الشعر فيهما لأخل بذلك ، وخلقا للقبض ، وإلصاق اللحم على المقبوض أعون على جودته من إلتصاق الشعر به . وأيضاَ فإنهما آلة الأخذ والعطاء ، والأكل ، ووجود الشعر فيهما يخل بتمام هذه المنفعة .
وأما الأخمصان فلو نبت الشعر فيهما لأضر بالماشي وأعاقه في المشي كثيراً ممايعلق بشعره مما على الأرض ، ويتعلق شعره بما عليها أيضاً . هذا مع أن أكثر الأوتار والأغشية في الكفين مانع من نفوذ الأبخرة فيها . وأما الأخمصين فإن الأبخرة تتصاعد إلى علو ، وكلما تصاعد كان الشعر أكثر . وأيضاً فإن كثرة وطء الأرض بالأخمصين يصلبهما ويجعل سطحهما أملس لاينبت شيئاً ، كما أن الأرض التي توطأ كثيراً لاتنبت شيئا .
وأما الجبهة فلو نبت الشعر عليها لستر محاسنها ، وأظلم الوجه ، وتدلى على العين . وكان يحتاج إلى حلقه دائماً ، ومنع العينين من كمال الإدراك . والسبب المؤدي إلى لذلك أن الذي تحت عظم الجبهة هو مقدم الدماغ ، وهو بارد رطب ، والبخار لايتحرك منحرفاً إلى الجبهة ، بل صاعداً
هي سنةٌ لن أقول أنها مهجورة لكن أحببت التذكير بها مع دخول فصل الشتاء لتكسب الأجر وتحييها في الوقت ذاته ألا وهي : المسح على الخفين .
والخفان : ما يلبس على الرجل من الجلود ويلحق بهما مايلبس عليهما من الكتان ، والصوف ، وشبه ذلك من كل مايلبس على الرجل مما تستفيد منه بالتسخين . والمسح على الخفين جائز بإتفاق أهل السنة ، وخالف في ذلك الرافضة .
ومن شروط المسح على الخفين : أولاً : أن يلبسهما على طهارة ، ودليله : حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فتوضأ ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) ومسح عليهما . ثانياً : أن يكون ذلك في المدة المحددة شرعاً ، وهي يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، وتبتدئ هذه المدة : من أول مرة مسح بعد الحدث إلى آخر المدة ، فكل مدة مضت قبل المسح فهي غير محسوبة على الإنسان ، حتى لو بقي يومين أو ثلاثة على الطهارة التي لبس فيها الخفين أو الجوارب ، فإن هذه المدة لا تحسب ، لا يحسب له إلا من ابتداء المسح أول مرة إلى أن تنتهي المدة ، وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام للمسافر ، كما ذكرنا آنفاً ، مثال ذلك : رجل لبس الخفين أو الجوارب ، حين توضأ لصلاة الفجر من يوم الأحد ، وبقي على طهارته إلى أن صلى العشاء ، ثم نام ، ولما استيقظ لصلاة الفجر يوم الأثنين مسح عليهما ، فتبتدئ المدة من مسحه لصلاة الفجر يوم الأثنين ، لأن هذا أول مرة مسح بعد حدثه ، وتنتهي بإنتهاء المدة التي ذكرناها آنفاً . ثالثاً : أن يكون ذلك في الحدث الأصغر لا في الجنابة ، فإن كان في الجنابة فإنه لا مسح ، بل يجب عليه أن يخلع الخفين ويغسل جميع بدنه لحديث صفوان بن عسَال رضي الله عنه قال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من غائط وبول ونوم ) وثبت في صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَت المسح ( يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام للمسافر )
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – سؤالاً مفاده : ماحكم المسح على الجورب أو الخف المخروق أو الجورب الشفاف ؟
الجواب : القول الراجح أنه يجوز المسح على ذلك ، أي على الجورب المخرَق ، والجورب الخفيف الذي ترى من ورائه البشرة ، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً ، فإن الرِجل ليست عورة يجب سترها ، وإنما المقصود الرخصة على المكلف ، والتسهيل عليه ، بحيث لا نلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء ، بل نقول : يكفيك أن تمسح عليه ، هذه هي العلة التي من أجلها شرع المسح على الخفين ، وهذه العلة كما ترى يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق ، والسليم ، والخفيف ، والثقيل .
المرجع : كتاب فقه العبادات للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله –
ابنة أختي تلك الطفلة الصغيرة البريئة أخذت تحضر حاجيات المدرسة وعندما أرادت أن تضع حذائها الجديد ( أكرمكم الله ) تفاجأت أختي بأن في أسفل الحذاء لفظ الجلالة ( الله ) في أسفله والعياذ بالله ولا يلاحظ ذلك إلا من دقق النظر . أذكر أن هذا الشيء انتشر قبل مدة من الزمن ثمَ اختفى ولله الحمد ، لكن هاهم أعدائنا يرجعون فيكتبون اسم ( الله ) في باطن الأحذية ، تساءلت : ياترى من المسئول عن هذا العمل ؟ وكيف لاينتبه البائعون لمثل هذه البضاعة التي ضررها أكبر من نفعها ؟ وكسادها في نظري وخسارة الملايين هي والله أفضل من الإهانة للفظ الجلالة (الله ) .