على أيامنا كانت الاختبارات تمثل هاجس مرعب لنا ، فكل شيء كان ممنوعاً ، لا مشاهدة تلفاز ولا جلوس إلا لغداء أو عشاء ، بعض الوجبات الخفيفة لا بأس بها لتكسر من حدة الوقت الطويل بصحبة الكتاب .
على أيامنا لم يكن هناك هواتف محمولة وهذا منة من الله علينا .
وإلا لكان لنا شأن آخر .
على أيامنا كنت من بين أخواتي أمتحن يوم الخميس وكان حينها إجازة ، قبل إعتماده يوماً رسمياً كما هو عليه الآن ؛ فالدراسة تبدأ من الأحد حتى الخميس .
على أيامنا كانت المناهج دسمة جداً ، حتى أننا كنا في بعض الأوقات نذهب للاختبار ولم نتم المادة ، ليس تقاعساً أو عجزاً أو نوماً ، بل لكثرة الصفحات ، فنحن لم نكن نحذف شيئاً أبداً من المادة .
الشيء الممتع في الامتحانات هو الإعفاء من شغل البيت ، وإن كنا حقيقة في أيام الاختبارات نسعى دائماً للمساعدة دون أن يجبرنا أحد عليها .
والمواهب المدفونة تخرج في الامتحانات ، فبالنسبة لي كنت أرسم وأكتب في هوامش الكتب أشياء جميلة .
كنت ولا أزال أقدس الدراسة لأني نشأت في بيت علم ومعظم أفراد أسرتي يحبون العلم ويشجعون عليه .
المفارنة بيننا وبين الجيل الحاضر طويلة ، سواء بكثرة الملهيات ، أو في اختصار بعض المناهج وتغيير البعض .
اللغة العربية من وجهة نظري تحتضر في كثير مما يكتبه بعض جيل اليوم وما أشاهده بنفسي .
القراءة والاطلاع أصبح معدوماً إلا من القلة .
على أيامنا كنا نقرأ الكثير من الكتب والمجلات والصحف ، واليوم لا تكاد ترى كتاباً غير مناهج الدراسة تُقرأ .
على أيامنا كنا نستمع لبعض الإذاعات ، نناقش وننقد ونكتب .
لا أُقلل من المجهود التي تبذله بعض الأُسر في سبيل بناء جيل مميز فكرياً واجتماعياً وعلمياً وثقافياً ، لكن تظل بذرة التنشئة الأسرية هي من وجهة نظري أهم ركيزة لجيل يعلم بأن رُقي مجتمعه مرهون بتفوقه علمياً .