اجعل من دعوتك وقفاً لك بعد مماتك

مجموعة كبيرة من العلماء الربانيين رحلوا عن هذه الدنيا لكن

أعمالهم باقية ، أصواتهم الندية بالقرآن تالية ، دعونا إلى كل هدىً

فكتبت لهم أُجُورهم تامةً وافية .

عَنْ اَبِي هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه  اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏”‏ مَنْ دَعَا اِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الاَجْرِ مِثْلُ ِ أُجُور مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا اِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الاِثْمِ مِثْلُ اثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ اثَامِهِمْ شَيْئًا ‏”‏ ‏.‏رواه مسلم

قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – :

( من دعا إلى هدى: يعني بينه للناس ودعاهم إليه ، مثل أن يبين للناس أن ركعتي الضحى سنة ، وأنه ينبغي للإنسان أن يصلي

ركعتين في الضحى ، ثم تبعه الناس وصاروا يصلون الضحى

، فإن له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ،

لأن فضل الله واسع .

أو قال للناس مثلاً  اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً ، ولا تناموا

إلا على وتر إلا من طمع أن يقوم من آخر الليل فليجعل وتره في آخر الليل ، فتبعه ناس على ذلك فإن له مثل أجرهم ، يعني كلما

أوتر واحد هداه الله على يده فله مثل أجره ، وكذلك بقية الأعمال

الصالحة .

ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لاينقص ذلك من آثامهم شيئاً ، أي إذا دعا إلى وزر وإلى مافيه الإثم ، مثل أن يدعو الناس إلى لهو أو باطل أو غناء أو ربا أو غير ذلك من المحارم ، فإن كل إنسان تأثر بدعوته فإنه يُكتب له مثل أوزارهم ،

لأنه دعا إلى الوزر والعياذ بالله .

واعلم أن الدعوة إلى الهدى والدعوة إلى الوزر تكون بالقول  ؛ كما لو قال افعل كذا . افعل كذا ، وتكون بالفعل خصوصاً من الذي يُقتدى به من الناس ، فإنه إذا كان يُقتدى به ثم فعل شيئاً فكأنه دعا

الناس إلى فعله ، ولهذا يحتجون بفعله ويقولون فعل فلان كذا وهو جائز .

فالمهم أن من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من اتبعه ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه مثل وزر من اتبعه .

وفي هذا دليل على أن المتسبب كالمباشر ؛ المتسبب للشيء كالمباشر له ، فهذا الذي دعا إلى الهدى تسبب فكان له مثل أجر من فعله ، والذي دعا إلى السوء أو إلى الوزر  تسبب فكان عليه مثل وزر من اتبعه .

وقد أخذ العلماء الفقهاء رحمهم الله من ذلك قاعدة : بأن السبب كالمباشرة ، لكن إذا اجتمع سبب ومباشرة أحالوا الضمان على المُباشرة .، لأنها أمس بالإتلاف  ) .

فإلى كل من دعا إلى هدىً بقول ٍ أو فعلٍ  فكان له من الأجور مثل أجور من تبعه، هنيئاً لك .

ولكل من دعا إلى ضلالة فكان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه

تدارك نفسك قبل أن تغرغر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *