سعُود الشعلان قلمٌ ينبِضُ بالحَياة

سعُود الشعلان قلمٌ ينبِضُ بالحَياة
أجرت الحوار : أمل عبدالله القضيبي

قلمُ وفكرٌ ومشاعرٌ تلك الحروف التي نسجت لتصل إلى الناس
شفافية امتزجت بخطى واثقة نحو التميز والإبداع
روائي بمعطف طبيب يمسح الألم ويخط بمداده هموم للناس بقالب فريد
ضيف أجيال ومعه كان هذا اللقاء

سيرة ذاتية
سعود محمد عبدالله الشعلان
مواليد الرياض في عام 1979م
العمل حاليا في مدينة الخبر


بين الرياض والخبر قصة كفاح دامت طويلاً
حدثنا عن الأيام الأولى التي عشتها بعيداً عن أسرتك
وهل كان لتلك الحقبة تأثيرها سلباً أم إيجاباً على حياتك؟
كانت بداية تلك الفترة من خلال سنة الامتياز التي كان لزاما على أن تكون وأختار الله لي ان تكون في مدينة الخبر المدينة التي احبها كثيراً..ثم كانت الوظيفة هناك ايضا ومن ذلك الحين من قرابة الستة أعوام وأنا هناك..
في البداية كان الأمر صعبا بالنسبة لي خصوصا وانني من النوع العائلي القريب كثيرا من عائلتي وأهلي لكن طبيعة مهنتي وانقضاء ما يقرب من الثمان ساعات يوميا في عملي في المستشفى مما خفف علي شعور الحنين نحو أهلي وأسرتي والشعور بفقدهم ..ثم
ما لبثت أن اعتدت على الأمر وحاولت ان استغل وقتي والفراغ في القراءة والكتابة وفعلاً أكملت حينها رواية “ومات الجسد” وكتبت “مهل” وأستعد الآن للبداية في الرواية الثالثة..

كيف كانت بداياتك الأدبية منذ الصغر ؟
وإلى من تعزو ما وصلت إليه الآن ؟
كان ذلك عن طريق القرآءة وحبي الشديد لها وولعي بها..
كنت اقرأ يوميا ما يزيد عن المائة صفحة.. وكانت قراءة ما قبل النوم من طقوسي اليومية ولو أني سأصبح على اختبار نهائي..
ثم بدأت بتجربة قلمي في الخواطر والشعر لكني وجدت نفسي بشكل أكبر مع النثر.. فأكملت طريقي بالقصص القصيرة إلى أن وصلت الرواية.. وكان الفضل فيما وصلت إليه لله رب العالمين وحده دون غيره خصوصا فيما يتعلق بالكتابة.. أما فضل بداياتي بعد الله فيعود إلى أختي التي تكبرني فمعها وعن طريقها قرأت معظم الروايات العالمية وانأ لا أزال في المرحلة الابتدائية.. فلها مني كل التقدير والمودة وحب وعرفان..


من كان له الفضل في اختيارك مهنة الطب ؟
وماذا أخذت منك ؟ وماذا أعطتك ؟
قبل اختياري مهنة الطب كنت قد التحقت بكلية الملك فيصل الجوية وكنت سأتخرج منها طيارا حربيا وقاربت فيها على إنهاء السنة الأولى فيها لكن قدّر الله واختار لي أن أتركها وأخرج منها.. وكان في ذلك خير لي أراه الآن..
مهنة الطب أحسها توافق شيئا داخل روحي..
ووقت التحاقي بها لم يوجهني احد إليها حتى أبي أطال الله بعمره على طاعته ومتعنا بصحته وعافيته لم يجبرني أو يمنعني من أي شيء.. كان يقول هذا مستقبلك وأنت تملك القدرة والأحقية على اتخاذ قرارك..
وفعلا اتخذت قراري والتحقت بهذه المهنة التي أخذت مني أوقاتا طويلة وتعبا وسهرا أثناء الدراسة.. لكنها الآن أعطتني بعد الله الكثير..
أعطتني دعوات الناس لي ولوالدي..
أعطتني نظرة الفرح في عيون مرضاي يوم اصنع لهم معروفا..
أعطتني الرضا عن نفسي في نهاية عيادتي..

(الراحلة الباقية ) وشيءٌ من الشجن بعثها إهداؤك في الصفحة الأولى من رواية مهل .. تعليقك .
الناس في الرحيل والبقاء على صنفين..
بينهم من يبقى حاضرا حتى وإن غاب جسدا..
ومنهم من يغيب روحا حتى وإن حضر جسدا..
فالراحلة عن عالمي وعالم الدنيا بالموت.. بقيت حاضرة أمام عيني وبين تفاصيل حياتي.. فكان لزاما علي أن تكون معي في كلمات “مهل”
فهي الراحلة جسدا الباقية روحا..
أمي .. غفر الله لها ورحمها وجمعني بها في جنات النعيم..


لغة الكتابة كيف تفضلها ؟ وما رأيك بمن يتكلف في انتقاء العبارات والأساليب التي تحتاج أحياناً إلى فك رموزها وترجمة معانيها ؟
لغة الكتابة.. برأيي انها لابد ان تكون سلسة سهلة بسيطة التراكيب و سهولة وبساطة التراكيب
لا تتعارض أبداً مع جزل المعاني وفخامة الأفكار.. فالكتابة امتاع وليست مسابقة للفهم..
ينبغي أن لا ينصرف ذهن القارئ عن محتوى الكلمات إلى شكل الجمل وتنسيق العبارات..
الكتابة ليست تحديا لإظهار العبقرية في التراكيب والمفردات اللغوية وإنما الكتابة_ وهذه قناعتي_ هي الوصول إلى روح وعقل القارئ بأقل قدر من التعقيد..
ثم أن الكتابة ينبغي أن لا تكون موجهة لشريحة معينة من المجتمع.. شريحة نخبوية كما يطلق عليها أحيانا بل ينبغي تكون للجميع يفهمها الكل.. لكنهم يتفاوتون في هذا الفهم بقدر خلفياتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية..


كُتبت روايات وانتشرت في بضعة أشهر صاحبها
من الزخم الإعلامي الكثير ، وهي من وجهة نظر ناشرها تُحاكي وضع المجتمع .. ما رأيك في مثل هذه النماذج مما امتلئت به أرفف المكتبات ؟
فعلا فقد كان الأمر كذلك..
خلال أشهر قليلة إلا وذاع صيت هذه الروايات..
ربما لأنها قد خُدمت إعلاميا وكان لها أو ما تحمله أو لأصحابها مريدون ينتهجون ذات الأسلوب والطريقة..
وربما كانت تلك الروايات تخدم توجهات معينة سواء أكان بقصد أو بدون قصد من كتاباها..
الأمر الأخر والذي قد يغفل عنه الكثير..هو انتقادنا لتلك الروايات والحديث عنها كثيرا وإظهارها أنها الروايات التي فيها وفيها وتحمل الفكر الفلاني وتخدم التوجه العلاني كل ذلك يجعلها مثار التساؤل لدى القارئ.. لمعرفة لماذا وصفت تلك الرواية بتلك الأوصاف وهذا مما يساعد في معدل ارتفاع الطلب عليها..
برأيي أن الاستمرار في الإنتاج وارتفاع معدل جماليته وقوة ذلك الإنتاج هو المقياس الحقيقي للنجاح غالبا.. صحيح إن هناك روايات عالمية وقصائد كما تسمى “يتيمية” لم يعرف أي إنتاج أخر لكتابها.. لكن تلك الحالات شاذة جدا والشاذ كما يقال “لا حكم له”
أمر أخير..
هو أن بعض دور النشر تبحث عن الإثارة ومسوغات التسويق وما يضمن ارتفاع المبيعات بغض النظر عن المضمون.. قد يكون ذلك من خلال العنوان أو الغلاف أو تجاوز الخطوط الحمراء لذائقة القارئ الأدبية والأخلاقية..

الهوية الضائعة في بعض الروايات إلى ماذا تعزوها ؟
إلى عدم الثقة في الهوية التي نملكها.. وعدم الاستقرار والثبات على هوية واحدة..

رواية مهل سلكت في تناولها قضايا عديدة منها :
الزواج غير المتكافئ بالنسب ثم تطرقت إلى أرباب الفكر الضال فقصة التبني ..
معالجة هذه القضايا واختزالها بين صفحات الرواية كيف تقيمه ؟
وكم من الوقت استغرقت في تسطير فصولها ؟
رواية “مهل” حاولت من خلالها طرح أكثر من قضية تلامس المجتمع وقبل ذلك تلامس أرواحنا كأفراد..
فقضية تكافؤ النسب.. ومن ثم قصة ” فهد ” الشاب الفاقد هويته الباحث عنها في أقصى اليسار وعالم المخدرات والضياع ثم تحوله إلى أقصى اليمين واعتناقه لمعتقدات الفكر الضال..
ثم تأتي بعد ذلك قصة “رياض” الشاب الثري الذي يصدم بالحقيقة التي تعصف بحياته وتكشف له حقيقة أهله الذي كان يعيش معهم..
وفي الآخر تحضر ” فرح ” والتي عاشت حبا من طرف واحد.. لكن ذلك الحب لم يكن له ذنب إلا أنه جاء في التوقيت الغير مناسب لجميع أطرافه..
في نهاية تلك الأحداث تأتي الصفحات الأخيرة لتبين للقارئ الصورة النهائية لفترة ليست بالقصيرة من حياة “مهل”..
أما الوقت الذي استلزمني لكتابة سطورها فقارب الثلاثة أعوام..
لكني بالطبع لم أكن اكتب يوميا ولا حتى أسبوعيا..
كنت انتظر الكتابة إلى أن تزورني..
وأحيانا أتوقف قرابة الشهر..
وأحيانا اكتب أكثر من عشرين صفحة خلال جلسة واحدة..
فالكتابة تزور ولاتُزار..


ومات الجسد فعلاً لكن هذه المرة على غير ما توقعه القارئ لروايتك : ” ومات الجسد وانتهت كل الحكايات ”
طريقة شائقة حبستَ الأنفاس
نهاية مؤلمة وغير متوقعة لمن خابت محاولاته وأصابت هذه المرة !!
النهاية كانت مغايرة تماماً وكأنها نقطة تحول في الرواية
بالنسبة لـ”مات الجسد ”
كان من البديهي لمن يقرأ العنوان أن الموت سيكون حاضرا ولمن يقرأ الرواية سيقول أن “سعيد” هو من سيموت وقد يكون محقا في ذلك
لكن السؤال هو متى.. وكيف.. وأين سيحدث ذلك؟!
كل تلك التفاصيل هي ما ستصدم القارئ في كل مرحلة من مراحل الرواية..
وكانت هذه الفكرة.. حتى من خلال عبارة العرافة حين قالت ” سيموت حين لا يريد أن يموت” لم يكن هناك أي تحديد.. فكلنا سنموت حين لا نريد وبالفعل كانت النهاية غير متوقعة للقارئ لا توقيتا ولا حتى طريقةُ برغم اقتراب ” سعيد ” من الموت كثيرا في أكثر من موقف..

لمن يملك القلم لكنه لا يملك النفس الطويل في كتابة رواية بم تنصحه ؟
أنصحه بعدم الاستعجال.. وليكتب للكتابة لا من اجل الرغبة في إكمال رواية.. وستكون المسألة حينها مسألة وقت بعد توفيق الله.. وأيضا أنصح بالإكثار من القراءة.. فالقراءة هي وقود الكتابة..
فأنا كتبت ” ومات الجسد ” يوم كتبتها ولم يكن في مخيلتي أني سأنشرها يوما ما..
كنت أكتب لنفسي وللكتابة ذاتها.. وحين أنهيتها فكرت بعد توصيات من حولي ومن أثق فيهم وفي رأيهم أنني لابد أن انشرها وراهنوا على نجاحها…وبالفعل منّ الله علي وعليها بالنجاح.


هل واجهتك عقبات فيما يخص الطباعة والنشر ؟
وكم بلغت طبعات الروايتين ؟
وبماذا تصف شعورك وقد تخطتا الطبعة الأولى بمراحل ؟
لا ولله الحمد والمنة لم تواجهني تلك الأمور التي قد تصل لمسى”العقبات” لكن ربما كوني أول مرة انشر كان هذا يسبب لي هاجس عدم النجاح وأن لا يكتب الله لما اكتبه القبول لدى القراء وتقبلهم له..
بالنسبة للطبعات..
فقد وصلت ” ومات الجسد وانتهت كل الحكايات “إلى الطبعة الرابعة..
ووصلت ” مهل ” إلى الطبعة الثالثة..
وهذا والله ما كان إلا بفضل من الله ثم بقرائي وما منحوني إياه من مكانة وقدر وشرف أدعو ربي أن يجعلني عند حسن ظنهم فيني..
وشعور السعادة يغمرني وأنا أرى هذا الطلب عليها ونفاذ الكمية في وقت قياسي من مراكز البيع..
لكن أيضا يخالط هذا الشعور الجميل شعور الإحساس بالمسؤولية تجاه قرائي و ذائقتهم الأدبية.. وأنني يجب أن اكتب في المستقبل شيئا يوازي أو أفضل مما كتبته..

باختصار ..
حكمة تتمثلها.. قوله تعالي “من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون”
أمنية تود لو تحققت.. رؤية أمي رحمها الله في المنام.
د/غازي القصيبي.. الهرم
كاتب تقرا له.. محمد عبدالحليم عبدالله و د/أحمد خالد توفيق
أكلة مفضلة.. مع الصحة والعافية كل شيء سيكون جميلا مفضلاً..
انترنت.. وسيلة .
لون مفضل.. البني ودرجاته.
يملك قلبك ..العفو والتسامح
لا تستغني عنه..توفيق رب العالمين

كلمة أخيرة..
أشكر كل من وصلني بكم وأدعو الله من قلبي له بالتوفيق والرضا والعافية ..فلا يشكر الله من لا يشكر الناس ..ولكل قرائي أقول لكم مني كل تقدير واحترام ومودة فلولاكم بعد الله لم وصلت إلى ما أنا عليه الآن ..وسأضل معكم وبينكم وأكتب من أجلكم فأنتم عوني بعد الله تعالى ..

اللقاء في مجلة أجيال الالكترونية

http://ajyaal.ma3ali.net/articles-action-show-id-679.htm

:11:

4 ردود على “سعُود الشعلان قلمٌ ينبِضُ بالحَياة”

  1. انا الصراحه من اشد المعجبين بالروايات وخاصة روايات بقلم المتألق دائما سعود الشعلان اتمنى لك النجاح الدائم في حياتك المهنيه وحياتك الخاصه العائليه واتمنى ان تكتب المزيد من الروايات الرومانسيه :19 والى الامام دوما :23

  2. شكراً وافره و لاتكفيّ , فالحوار مع تلك الشخصية لايُمل أبداً , فأنا من الاشخاص الذين يستمتعون بتشاطر الحديث مع تلك الشخصيات , فهو سهلاً ليناً ويخترق قلوبنا بإيتسامةٍ فاتنه (:

    حفظة الرب و حفظ لهُ أخته الكبرى التي هي كذلك بمثابة أختي الكبرى !

    فعلاً ! ( سارة ) لها افضالاً لاتُعد ولا تحصى . . ليتنيّ ارد لها نصف الجميل !

    فهيّ له جل الفضل في تنشئتي حق التنشئه , وتنشئت أبناء المستقبل في الصروح التربوية . .

    رحم الله أمك وأسكنها في علييّن مع الابرار الطيبين ,

    * نقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *