فن الرواية والمشهد السردي إلى أين ؟

أجيال – أمل بنت عبدالله

الرواية فن متكامل يعكس حالة الواقع ويعبر عن هموم المجتمع في أحايين كثيرة
وشهدت في الآونة الأخيرة قصب السبق بين الأجناس الأدبية المختلفة
وفي هذا التحقيق نُسلط الضوء حول تطلعات بعض كُتاب الرواية ورؤيتهم للمشهد السردي

الرواية تتفوق على غيرها من الفنون

د. ضياء مطر
في ظنّي الخاص أن ضعف المجتمع ووهنهُ عن الولوجِ في بحر العلم الوفير الغزير من العلوم الشرعية والأدبية والبحتة وجَّهَهُ إلى الخوضِ في ما هو أسهلُ لعقلهِ وأيسرُ لفهمهِ وهو فنُّ الرواية. مُضافاً إليها جشعٌ فطريٌّ من أرباب الكثير من دور النشر في الربحِ اليسير عن التعويل على كتابٍّ دسمٍ يراوحُ مكانهُ لسنين قبل أن يعطف عليهِ أحدُ الشيوخِ أو الباحثين. مع عاملٍ لا يقلُّ أهميةً وهو: لكل زمانٍ فنُّهُ. ففي وقت انعدام العلوم تقريباً في العصرِ الجاهليِّ شُغل الناسُ بالشعرِ وغدا صنعتهم وحرفتهم وفنَّهم، فصار “ذُبابُ الصحراءِ” في ذاك قدوةً للعالمين! ولما أتى الإسلامُ أبهر أهلهُ ببلاغة القرآن وفصاحتهِ، فعزفوا عن الشعر شيئاً كثيراً وضعف سوقهُ إلاَّ من قليلٍ يُحرِّكُ الجيوشَ في معاقل الجهاد.
ولما فتحت الأمصارُ بالجهاد ووجد المسلمون العربَ فنَّ غيرهم في كتابة القصص قاموا بترجمتها إلى العربية. ولما فشا فيهم الترفُ واللهو أوجدوا المقاماتِ والموشَّحاتِ. وهكذا حتى أتينا إلى زمانٍ تُسيطرُ عليهِ الأفلامُ الطويلة سواءً الأفلام التاريخية الحقيقية كنكبة فلسطين واحتلال العراق وغزو أفغانستان واضطهاد الشعوب والجري اليومي وراء لقمة العيشِ! أو الأفلام التسجيلية كالتي أغرقتنا بها “هوليوود”! أو المقروءةِ كفنون الروايةِ شرقيةً أو غربيةً. فهذا زمانُ الرواية والحكاية. ولله الأمرُ من قبلُ ومن بعد.
باختصار: نحنُ أمةٌ عاطفيةٌ نجنحُ لما يُحرِّكُ أفئدتنا قويَ ذلك أم ضعُفَ!

الروائي يحيى خان
جميع الفنون تقدم للإنسان التسلية والترفيه والمتعة .. ولكن في رأيي الشخصي أن الرواية من أسهل وسائل التسلية والترفيه التي يمكن أن يتعامل معها الشخص ؛ لأنها تحلق بالقارئ إلى عوالم مختلفة بمرونة شديدة وسهولة ، فليس هنالك احتياج لشاشة عرض ومؤثرات صوتية ، أو التواجد في مكان مخصص ومحدد للحصول على المتعة والتسلية .. كل ما على القارئ فعله هو الاسترخاء ، وفتح الرواية في أي مكان وأي زمان ، ليجد نفسه غارقاً في بحورها .. كما أن احتواء الرواية على أحداث ، وشخصيات ، وحوارات ، ورسائل متنوعة ، يعطيها ميزة مهمة تفتقدها بعض وسائل الترفيه الأخرى

محمد الداود
لأن قراءة الرواية في نظري أكثر إمتاعًا من القراءة في أي فن آخر، فالأسلوب القصصي محبب للنفس، بل إن أعظم كتاب في الكون (القرآن الكريم) احتوى ثلثه تقريبًا على القصص. بالإضافة إلى أن قراءة الرواية قد تدخل ضمن إطار القراءة السهلة التي لا تحتاج إلى تركيز فتجد أنك تبحر مع الكلمات وتستمتع بالنص الذي تقرؤه لتقطع شوطًا كبيرًا في القراءة دون أن تنتبه لها، ومؤخرًا أعتقد أن هناك ثورة كبيرة بين الشباب والفتيات في الاهتمام بالقراءة وبالذات قراءة الروايات، وكما أن هناك جيل كامل في الغرب لا يقرأ إلا الروايات أعتقد أننا مقبلون على هذا، لذلك نجد أن الرواية تتفوق حاليًا، أو أنها في طريقها إلى ذلك.

المهاجرة
أعتقد أن القصة بكل أنواعها لم تفقد الاهتمام بكل أشكالها عبر العصور
لأنها تمثل الصورة البسيطة و المباشرة لحياة الشعوب وثقافاتها وهي قناة سهلة
لوصول المعلومة وشرح وجهة نظر معينة أو حتى توجيه لمبدأ ما يفهمها جميع شرائح المجتمع
وهذا ينطبق على زماننا هذا

من واقع تجربة

د. ضياء مطر
على الرغم من رغبتي القديمة في الكتابة في فنِّ الروايةِ بعد سبقٍ قديم في المقامةِ، فإنني لم آخذ ذلك على محملِ الجدِّ يوماً. حتى شاءَ الله أن تُحكى لي قصةُ الفتى الأرمني العاشقِ المُبدل دينهُ، الطالبُ للعونِ في ابتلاءاتهِ. فقررتُ كتابةَ تلك القصة الفريدة باختصارِ شديدٍ في مقالٍ من صفحةٍ واحدةٍ قاصداً طلب العونِ من إخوتي ورفاقي. فلما بدأتُ وعجزتُ عن الإيجازِ قلتُ أجعلها في اثنتين. فلما رأيتُ العقد قد انفرط، وشاء الله أن يسكب من فضلهِ عليِّ قلتُ لتكن قصةً فشاء الله روايةً على تحفيزٍ وملاحقةٍ من الأصدقاءِ والقُّراءِ الكرام. ثم أخذتُ أطبخُ في ذهني سنةً فكرة روايةٍ عزمتُ عليها من قديمٍ؛ فكانت “البحث عن المدينة الفاضلة” وأخواتها. ولا زالت أُمهنَّ حبلى توشك أن تلدَ إن شاء الله.

الروائي يحيى خان
تجربتي في مجال طبع ونشر الروايات بدأت سهلة ولله الحمد ، حيث لم يستغرق حصولي على الفسح من وزارة الإعلام سوى أيام قلائل ، لكن المصاعب توالت بعد ذلك ، حيث أنني لم أعرف آنذاك الطريقة المثلى للطباعة والنشر، فتحدثت مع بعض المطابع التجارية ، لكن الأسعار ونوعية الطباعة وضعف التوزيع ، كلها أمور لم تعجبني ، ثم نصحني أحد الموظفين في الوزارة بالتواصل مع دور نشر متخصصة في الروايات ، وهذا ما كان .. وحتى بعد التعاقد مع دار النشر ، لم يخل الموضوع من بعض المشاكل التي كان من الضروري التغلب عليها لتصل الرواية إلى أيدي القراء .. والحمد لله هذا ما حصل.

محمد الداود
بدأت قراءة الروايات والقصص منذ مرحلة الطفولة، ومررت في تلك الفترة وما بعدها بعدة مراحل، من قراءة قصص الأنبياء والسيرة النبوية إلى القصص التاريخية والملاحم، إلى أن تطور الأمر إلى الروايات العالمية والعربية، فقرأت لكثير من الكتّاب العرب والأجانب، بدءًا من الشهيد صلاح حسن في (ثمانون بحثًا عن مخرج) إلى نبيل فاروق إلى أن تطور الأمر لنجيب الكيلاني ونجيب محفوظ ثم انتقلت إلى أجاثا كريستي ودان براون وجيفري آرتشر وغيرهم كثير ولكن هؤلاء أبرز من تأثرت بهم تقريبًا وأحببت القراءة لهم، ربما إلى الآن .. ! هذا بالنسبة للقراءة، أما الكتابة فلقد عرفت طريقها في المرحلة الثانوية، وقمت بكتابة قصة قصيرة مازلت أضحك عندما اقرأها، ولكنها كانت تحمل فكرة جميلة، وبعد أن عرضتها على من حولي تفاجأت بحجم النقد، لدرجة أن احدهم قال لي لا تلتفت للكتابة فهي ليست لك .. ! وتوقفت عن الكتابة فعلاً إلا من بعض المشاركات القليلة هناك وهناك في النوادي الصيفية، والمسارح المدرسية، إلى أن استطعت بتوفيق الله عز وجل أولاً ثم بدعم العديد من الأصدقاء والأقارب إلى العودة للكتابة وتقديم روايتي الأولى (أوراق طالب سعودي) ومن ثم روايتي (مملكة البنغال) و(طريق الحب).

المهاجرة
لم يخطر ببالي يوما أن أكون كاتبة
ورغم أنني أملك أسلوباً جيداً في التعبير وقد لاحظت ذلك معلماتي في المدرسة وبعض من أسرتي
ولكن رغم ذلك لم يتطرق أحدا لموضوع الكتابة معي
وقد كنت قارئة جيدة وما جعلني أفكر في الكتابة هو أني أحسست أن لدي رسالة لابد من أن أوصلها إلى مجتمعي بصورة معينة
وبدرجة إحساس عالية لتكشف جانباً من ثقافتنا لم يتطرق إليه أحدا قط
من هنا بدأت الكتابة وكانت أول رواية لي ( حب في سجن الكرامة ) و الجدير بالذكر
هو أن مشواري في الكتابة قد تعثر كثيرا وكاد أن يفشل في بدايته بسبب جشع دور النشر وسوء استغلالها للكاتب

دور المؤسسات الثقافية

د. ضياء مطر
يُفترض بالمؤسسات الثقافية أن تجري وراء الكُتَّابِ جرياً، وتبحث عنهم بين الأقلامِ بحثاً. مع الأسف ليس هذا هو الحاصلُ في الغالب، والسببُ ماديٌّ بحتٌ تارةً (من سيدفع تكاليف الطباعة؟! وهل هذا الاستثمارُ مُجدٍ؟!) وتمييزيٌّ تارةً أخرى (هل هذا القلم لديهِ من الشهرة والجماهيرية ما يستحقُّ النشرَ)؟! ولذا غالباً ما يدفعُ الروائي المُبتدئ ضريبةَ البداية من جيبهِ الخاص إلاَّ ما ندرَ.

الروائي يحيى خان
أنا شخصياً لم أتعامل مع أي مؤسسة ثقافية حتى الآن .. لكنني أسمع وأقرأ عن بعض النوادي الأدبية التي تقدم خدماتها للمؤلفين من حيث تقييم المادة المطروحة ، وتقديم الانتقادات البناءة بما يخدم النص .. وأعتقد أن بعض النوادي تساعد المؤلف أيضاً في عملية الطباعة والنشر والتوزيع

محمد الداود
للمؤسسات الثقافية دور مهم في خدمة الكاتب، ولكنها في نظري مازالت مغيبة عن خدمة الروائي الشاب، فجل ما تقوم به هو نشر الكتاب، ولابد أن يقصدها الكاتب ويبحث عنها، غير أن هناك بصيص أمل وتجارب ناجحة من بعض الأندية الأدبية في مملكتنا، بالاحتفاء بالكاتب، في إقامة الندوات والأمسيات التي تصب في خدمة الروائي والقارئ، وأقترح أن تقوم هذه المؤسسات بالبحث عن المواهب الموجودة في مدارسنا وجامعاتنا عبر إقامة المسابقات ورعاية المواهب، وفي نظري أن القارئ لا يجب أن ينتظر ما ستقدمه له هذه المؤسسات الثقافية، بل يبحث بنفسه عمّا يمكن أن يفيده في تقديم إبداعه، وعالم الإنترنت مليء بأمور تساعد الكتّاب في صقل مهارتهم ونشر إبداعهم، ولعل منها مشروع أعمل به مع أخي الكاتب والأديب (عبدالله بن ناصر الخريّف) أطلقنا عليه اسم (أدبيات –Adabyat.com) وهو برنامج صوتي (بودكاست) نهدف فيه إلى الحديث عن الكتابة الإبداعية في مواسم، وأول هذه المواسم ونحن على وشك إنهاءه تحدثنا فيه عن (كتابة الرواية) في قرابة 20 حلقة.

المهاجرة
الحقيقة , لم أتعامل مع أي من هذه المؤسسات إن كانت موجودة
ولكن ما يلفت النظر أني بحثت في وزارة الإعلام عن أي قوانين تحمي الكاتب من سوء الاستغلال ولم أجد

التقنية الحديثة والنشر

د. ضياء مطر
أعتقد أننا نُغازل الأمل في هذا الجانب؛ إذ أن ثورة الإنترنت فتحت الباب على مصراعيهِ للروائيين أن يتدرَّبوا بكل ميزاتِ التدريب من تعليمٍ وتعنيفٍ على يد أفواجٍ من القراء العامةِ من مختلفِ أنحاءِ الأرضِ. فاكتسبوا الجرأة والخبرة، ووجدوا متنفساً مقبولاً لنشر نتاجهم.
هذه الوسيلة مع محاسنها فإنها تفتقدُ غالباً إلى وجود المُختصين من الأدباء والروائيين المرموقين (علمياً) لمتابعة وتصحيح الأعمال الروائية الصغيرة؛ إذ أن الروائي الصاعد يعتقد أنهُ صعد بمجرد حصولهِ على الجماهير الخفية في الإنترنت. بينما يخسرُ الأدبُ العربيٌّ ظهور غثاءٍ كثيفٍ من مدعي الأدب، والذين يُسوَّقون بعد ذلك على أنهم قادتهُ ونُخبهُ.
بهذا الصدد فإنني لا أجدُ حرجاً للروائي المبتدئ أن يكتب في أي منتدىً أو مجموعةٍ بريديةٍِ أو مدونةٍ كانت، على أن يعدني ويعد أمنا “اللغة العربية” بأن يعرض نتاجهُ الأدبيَّ بكل سعةِ صدرٍ على الأدباء المختصين في المنتديات الأدبية المتخصصة إلكترونيةً كانت أو في الديوانيات والمجالس. قاصدين بذلك الصعود بالأدب العربي بالشكل الصحيح وحفاظاً عليهِ من التدهور.

الروائي يحيى خان
بالتأكيد .. وأنا أحد الذين سخروا وسائل الاتصال الحديثة (انترنت ، رسائل جوال ، بطاقات مطبوعة ، وغيرها) لتعميق تواصلي مع القراء الأعزاء في كل مكان في العالم .. نحن الآن في العام 2010م ، وإن لم نستفد من التقنيات الحديثة في هذا الزمن ، فمتى نستفيد؟.. وقد حصلت ولله الحمد على تفاعل كبير من القراء الذي شاركوا معي في ساحات المناقشة والحوار في المنتديات ، بالإضافة إلى جسور التواصل المختلفة : المدونة ، فيس بوك ، فليكر ، إيميلات ، وغيرها .. هذه التجربة في التواصل مع القراء والكتاب عبر وسائل التقنية الحديثة كان لها فوائد عديدة لي شخصياً ، وللقراء الأعزاء ..

محمد الداود
هو كما قلت، مع وجود التقنية الحديثة أصبح انتشار اسم الكتاب والكاتب متاحًا أكثر من قبل، فمن تجربة شخصية تأتيني طلبات لرواياتي من كل مكان في العالم العربي، وهذا لم يكن إلا بفضل الله ثم بفضل الانتشار الذي مكنته لنا التقنية الحديثة، وإن كنت أرى أن هناك أفق أوسع نحن على أبوابه من حيث النشر الإلكتروني، فمع وجود التقنية حاليًا، وانتشار أجهزة القراءة الإلكترونية، أعتقد أنه سنرى الكتاب العربي يقتحم هذا المجال، وستكون التقنية الحديثة خير داعم له.

المهاجرة
لقد كان لي تجربة طريفة ومفيدة في هذا المجال سأذكرها للفائدة
لقد حاولت بعض صديقاتي الترويج لرواياتي عن طريق المنتديات و الحديث عن رواياتي في منتديات عدة
دون أي جدوى ثم فوجئت بعد فترة بانتشار رواياتي في منتديات مهمة وعالمية بفضل قرائي الذين لا تربطني بهم أي معلومة
وعلمت أن الكتاب الجيد يروج لنفسه

الروايات الغربية وتأثيرها على المتلقي

د. ضياء مطر
في ظني أنها لم تحجب الضوء؛ بل سدت الفراغ والضعف الموجود في الرواية العربية. إذ أن الفن الروائي والمسرحي الإنجليزي على سبيل المثال قويَ بظهور شكسبير قبل ما يقرب الأربعمائة سنة! حتى لو افترضنا أنه لم يكن قوياً؛ فإن كل هذه السنين من الخبرة والممارسة الروائية للمجتمع الإنجليزي أكسبتهُ تقدماً ملموساً -مع أنني أعتقد أنه غايةٌ في الإبداع-، بينما الرواية العربية لم تعرف طريقها إلى النور تقريباً إلاَّ بعد مرور الربع الأول من القرن الماضي.
أما تأثيرها فيعتمد على القارئ نفسهِ؛ فالروائي يستطيعُ أن يضع القارئ في جوٍّ يختارهُ هو من الفضيلة أو الرذيلة، ويقنعهُ أيضاً (غالباً) بأن هذا الجو هو الجو الخُلُقي الأعلى؛ إضافةً إلى تدوين ما يفحشُ من حياتهم ويكونُ في ديننا حراماً من شُرب المسكر والربا والقمار وزيارة الحانات، ومُعاشرة العشيقاتِ، وربما الشذوذ أحياناً. وهنا قد تقدحُ شيئاً في القِيمِ بشكلٍ عفوي بمرور الوقت بكثرة قراءتها واعتيادها. ولذا أعتقد أنهُ يجب الاحتراز كثيراً حينما تُقدم الرواية الغربية إلى العامة أو صغارِ السنِّ مع العلم أن العديد من الممسوخات –أقصد الروايات- العربية تقدم تلك البيئة العفنة أيضاً!

الروائي يحيى خان
من خلال اطلاعاتي على اهتمامات القراء ، وجدت شريحة كبيرة منهم تركز على الروايات الأجنبية المترجمة ، والبعض يعطيها اهتماماً إلى الحد الذي يدفعه إلى الإحجام عن شراء الروايات العربية .. وهذا النوع من عدم التوازن في مجالات القراءة يؤثر قليلاً على تطور الرواية العربية ويحد من انتشارها .. أنا لا أقول بأن الروايات العربية مهمشة بالكامل ، وإنما هي بحاجة إلى مزيد من الثقة من القراء .. تأثير الروايات الأجنبية على المتلقي له وجهان : التأثير الايجابي من خلال التعرف على أساليب الكتابة العالمية ، وزيادة الثقافة فيما يخص حياة الغرب ومعالمهم وثقافاتهم .. أما الجانب السلبي فهو التأثير المحتمل على تفكير القارئ ومعتقداته الدينية والدنيوية فيما لو أغفل الحرص من هذا الناحية

محمد الداود
بصدق لست أدري هل تأثير الروايات الأجنبية سيء علينا كقراء عرب ومسلمين، أم أن ما نقرأه من مؤلفين عرب هو أشد خطرًا وتأثيرًا .. إن القارئ يبحث عن الرواية الجيدة وسيقتنيها سواء كان الكاتب عربي أم أجنبي، وفي نظري إن وضوح ونضج الرؤية لدى الروايات الأجنبية أكثر من كثير من الروايات العربية، لذلك هذا قد يفسر جزء من سؤالك بشأن انتشار الروايات الغربية، ولننظر إلى أكثر الروايات مبيعًا لدينا، وأكثر الروايات مبيعًا لديهم، ولنعيد التفكير في السؤال الذي طرحته! وأضفي عليه سؤلاً آخر فما القيمة الجمالية والفنية بل وحتى الأخلاقية التي سيجنيها من يقرأ لكتّاب عرب وآخرين أجانب؟ أعتقد أن الإجابة تصب وللأسف في مصلحة الكتاب الأجنبي وأعني به أفضل الروايات مبيعًا لدينا ولديهم.

المهاجرة
الأدب الصادق والعادل يحكي قصة بشر ومتى ما توفرت هذه المقومات في قصة أو مقالة أو أي نوع من الأدب سيفرض نفسه
ليس على الساحة العربية فقط بل حتى على الساحة الغربية أما تأثير الروايات الغربية على المتلقي
فهي قد تصرف نظره عن هموم أمته و مجتمعه وهويته إلى هموم وهوية مجتمع آخر
ولكننا لا ننكر أنها ممتعه وترفع الحس الأدبي و أنا أتحدث عن نخبة الأدب الغربي

الإثارة والجرأة في الطرح مع غياب الهوية والنقد

د. ضياء مطر
أعتقدُ أن النقد على أهميتهِ في تصحيح المسيرة السردية؛ غير أنهُ محظورٌ في هذا النوع من الطرحِ؛ كون أصحاب تلك الأطروحاتِ لا يخرجون عن كونهم زُعماء في الأدب الهابط، أو حصلوا على التزكية والشهرة من أولئكم. وفي كلتا الحالتين نقدهم سيعطيهم دعايةً مجانيةً لا يستحقونها، وإغفالهم جديرٌ بدثرهم ودفنهم إلى الأبد!
النقد البناء في نظري يصلحُ لمن يُتوسَّم فيه الخير.

يحيى خان
النقد موجود ، ولكنني شخصياً أبحث عن تكثيف النقد البناء الذي يخدم المؤلف (بتطوير نفسه) والقارئ (بحصوله على الأفضل) .. ولا بأس من الطرح الجريء للمواضيع التي تمس حياة الناس ، لكن أتمنى أن تخلو الروايات من الوصف المفصل للمواقف الجنسية المثيرة للغرائز ..

محمد الداود
لست بناقد ولا بمطلع على كل ما في الساحة العربية، لكني أعتقد أن الرواية تعكس ما نراه واقعًا في مجتمعاتنا، فإن كنتِ تقصدين غياب الهوية لدينا، فهذا واضح ومشاهد، وأعتقد أن هذا يجد طريقة على كل ما يحيط بنا من لباس ومأكل .. وحتى الروايات، نجد فقدان الهوية واضحًا ، بل نجد أن بعض الكتّاب قاده حبه للشهرة للكتابة في مواضيع تهدم كل القيم والأمور الحميدة عبر الكتابة في مواضيع الإثارة الجنسية أو سب للذات الإلهية ومن ثم يبحث عن ناشر في الخارج كما قال أحد النقاد، وليس الناقد هو المقوم لعمل الكاتب فحسب، فأعتقد أن القارئ هو المقوم الأول لأي عمل يُطرح، وعندما يحجم القارئ عن شراء مثل هذه الأعمال فستجدين أنها تتناقص وبعد مدة ستجد طريقها للفناء، فالعملية تجارية بحتة (خاصة الكتابة في هذه المواضيع) وعلاقتها بالنسبة لمن يقدمها علاقة عرض وطلب!

المهاجرة
أنا لي رأي مختلف في هذه النقطة ولا اعتقد أنه له علاقة بنقد بالمشهد السردي بل أعتقد أن لدى معظم الكتاب العرب مشكلة
في فهم العمق الحقيقي لمشاكل الإنسان العربي وردات فعله وحقيقة دوافعه وبالتالي ترجمته لإحساسه تكون خاطئة ومبتورة وهنا يسقط المشهد السردي برمته
فقد تميزت الروايات الأسطورية على المستوى العالمي و العربي و المحلي بسهولة السرد و الصدق في المشاعر بشكل يتماشى مع روح المتلقي

الانفتاح المعرفي وأثره على كُتاب الرواية

د. ضياء مطر
كان له تأثيرٌ ملموسٌ ومؤثِّرٌ على ما أعتقد. وربما يكون العماد الأقوى في زماننا. إذ أنهُ سدَّ ثغرةً كبيرةً للمبتدئين للتعلُّم من تجارب أهل الخبرة؛ والذين كان يصعب التواصل معهم في غير المنتديات الثقافية القليلة والغير فاعلةٍ إجمالاً. كما أنها رفعت سقف التعريف بالأدب الحديث.
أعتقد أن التقنية الحديثة هي الامتياز الأفضل والاستثمار الأميز الذي يجب الاهتمامُ بهِ واستغلالهِ بأكبر قدرٍ ممكنٍ. مع التركيز على رعايتهِ من أهل العلم والخبرة في الأدب.

يحيى خان
تجربتي في هذه النقطة ممتازة والحمد لله .. فخلال العامين الماضيين ، كنت أتواصل مع المؤلفين والمؤلفات أصحاب الروايات التي انتهيت من قراءتها ، وذلك لتقديم انطباعاتي الخاصة عن إصداراتهم ، مما أثمر عن توثيق جسور الحوار والتواصل فيما بيننا ، وأصبح كل منا يبحث عن أية فرصة يمكن أن تخدم الآخر في مشروعه الروائي .. لا يعني هذا أننا وصلنا (كمؤلفين) إلى أعلى درجات الترابط ، ولكننا نسير بالاتجاه الصحيح .. الانفتاح المعرفي مهم فعلاً لتقديم الأفكار الجديدة للقارئ ..

محمد الداود
بالتأكيد، فمع سهولة الوصول للمعلومة، وتقارب العالم بفعل وسائل الاتصال الحديثة، أصبح الكاتب على بعد نقرات أصابع من أي مكتبة أو بحث علمي، وأصبح الجهد المبذول لا يقارن بما كان يبذله الكتّاب السابقين، فلا شك أن هذا الانفتاح المعرفي سهل على الكتاب الكثير، وبقي منهم أن يستفيدوا منه، وكما أن هذا الانفتاح أفاد الكتّاب أنفسهم لكي يتواصلوا مع بعضهم البعض بالرغم من بعد المسافة وصعوبة اللقاء الفعلي، مما جعل هذا ينعكس بشكل إيجابي على مستوى الأعمال المقدمة.

المهاجرة
الانفتاح المعرفي جعل الكتاب أكثر جرأة وهذا شيء جيد وأكثر انفتاحاً على مشاكله نوعا ما ومن جهة أخرى سبب بعض لهم بعض الضياع عن هويتهم الحقيقة وثقتهم بها
أما علاقة الكتاب فيما بينهم فأعتقد أنه ساهم في ارتقائها نوعا ما

الترويج الإعلامي لروايات هابطة

د. ضياء مطر
سأضعُ ذلك في نقاطٍ:
– عمل أدبيٌّ باهت حظي بدعايةٍ تحذيريةٍ أو تزكيةٍ من ساقطٍ خُلقياً حُسبَ زوراً على الأدب!
– مجتمعاتٌ عربيةٌ هزيلة لا تُتقن حتى فنَّ التذوُّق –إلاَّ ما ندر-؛ وينحصر إعجابها بشهرة الكاتب!
– مجتمعات مُراهقةٌ تعشقُ الحديث عن الجنس والمرأة والخمر والإلحاد من باب التجديد!
– دورٌ أدبيةٌ تخشى من الإرهاق المادي بطباعة غير المشهورِ، أو تخشى من الفكر المخالف.

الروائي يحيى خان
هناك عدة وجوه للضعف في الرواية ، كما أن تقرير الضعف من عدمه يجب أن يكون قائماً على أسس صحيحة من النقد والدراسة ، وليس مبنياً على المشاعر والعواطف وحدها .. كل رواية يمكن أن تحمل نقاط قوة ونقاط ضعف .. ويبقى القرار في يد القارئ الذي سيساهم في انتشار الرواية التي تحوز على اعجابه واستحسانه ، والعكس صحيح.. وعن نجاح الرواية في الانتشار فهناك عدة عوامل تؤثر على الأمر مثل : الفكرة المطروحة ، الأسلوب ، الرسائل الهادفة ، تواصل المؤلف مع القراء ، الحضور والمعارف في الوسط الثقافي ، وغيرها ..

محمد الداود
أتفق معك بأن هناك أعمال روائية ضعيفة حصلت على دعم إعلامي وسلط عليها الضوء ربما أكثر من قيمتها الفنية، ولعل القارئ الكريم يعرف العديد من العناوين التي اكتسحت السوق وهي ليست ذات قيمة فنية ولا أدبية، و في نظري أنه قد ينقص بعض الكتّاب الحرص والسعي وراء نشر روايته وتسويقها بشكل جيد وذلك إما عبر الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد، وأركز على الإعلام الجديد الذي أضحى في نظري أكثر انتشارًا وأقدر على الوصول لأكبر قدر من شرائح المجتمع، وما (موقع المعالي) إلا أحد هذه المواقع التي تخدم الكتّاب وتروج لأعمالهم، لذلك أجد نفسي دائمًا أنصح الإخوة والأخوات بإنشاء مواقع خاصة بهم للتواصل مع قرائهم، ولطرح ما لديهم من أفكار وذلك عبر إما مواضيع يكتبونها في مواقعهم أو رسائل بريدية يرسلونها، ولا أغفل دور الشبكات الاجتماعية مثل (تويتر) و(فيس بوك) وغيرها للتواصل مع الجمهور وإشهار الأعمال التي تقدمها. فعلى الكتاب أن يستغل هذه الثورة الإعلامية لصالحه – وهذا حق مشروع- ويسوق لأعماله، فالشهرة عبر الإعلام التقليدي وحده أصبحت جزءًا من الماضي في نظري.

المهاجرة
قد يبدو رأيي غريبا بعض الشيء في هذه المسألة فقد فكرت كثيرا في هذه الظاهرة
رغبة مني في الترويج لرواياتي وفهم مقومات العمل الناجح ولم أخرج إلا بسبب واحد لنجاح هذه الروايات الضعيفة التي تفتقر لأبسط مقومات النجاح
كان هناك سبب جلي واضح ووحيد وهو خدش أسطورة عفاف المرأة السعودية أو مبادئ وقيم المجتمع المحافظ لأن هناك الكثير من الجهات الإعلامية
التي تعتقد أن أسطورة المرأة السعودية آيلة للسقوط وتعتبر هذا الموضوع سبقا إعلاميا ورأيي هذا لا يعني أنه ليس لدى المجتمع المحافظ مشاكل ضخمة أو أن المرأة السعودية ليس لديها مشاكل عاطفية ونفسية
أو أنها لا تملك غرائز بل على العكس أعتقد أن العفاف عند المرأة السعودية ليس أسطورة بل هو أسلوب حياة ولكنه يرزح تحت ثقل استغلال المتشددين وتهميشهم للمرأة وتحت دعوات التحرير التي لا تحترم أسلوب حياتها و اختيارها

كلمة أخيرة

د. ضياء مطر
لو كان بيدي أن أحاكم المجرمين والسّارقين لحاكمتُ معهم مجرمي الأدب. ولو كان بيدي أن أرفع شأن مبدعيهم لجعلتُ مُصاهرةَ أحدهم شرفاً لا يكادُ يُحازُ!
تذكَّروا أيها الأدباءُ والقرَّاءُ أننا سنورِّثُ نتاج عصرنا إلى الحضارة الإنسانيةِ. فماذا تُحبون أن يكتبَ التاريخُ عن أعمالكم الأدبية؟!
هل ستكونُ كقصائد قيلت قبل أكثر من ألف عامٍ ولا زلنا نحدو بها ونشدو. أم كقصائدٍ هزيلةٍ لا تُذكر بخير؟! وإن ذُكِرَت فسيقول التاريخُ: ذلك نتاجُ عصرِهم ولا شأن لي!!
كل الشكر والتقدير إلى مجلتنا الراقية “أجيال” على ما تُقدِّمهُ من تجربةٍ طيبةٍ تستحقُّ أن تُمدح وتُرفع. والله ولي التوفيق.

يحيى خان
أشكر لكم جهودكم في هذه المجلة الرائعة ، وأتمنى لجميع القراء رحلة ممتعة معنا في عالم الروايات الساحر ..

محمد الداود
أنا مؤمن بأننا نعيش عصر الرواية، وأن هناك العديد الروايات المذهلة ستخرج لنا مستقبلاً، وأن هناك عدد من الأقلام تنتظر من يشحذ قدراتها، وتنطلق وتحلق في سماء الرواية عاليًا، فلهؤلاء ولي أقول أننا نحمل أمانة كبيرة في أعناقنا، فالكتابة كما عبّر عنها الدكتور محمد الحضيف (همٌّ ورسالة)، فلنفتش في ذواتنا ولنخرج أفضل ما فيها ونقدمه عبر أحرفنا للآخرين، ولنجعل الأحرف والروايات التي نقدمها شاهد لنا لا علينا، ولنسخر هذه الملكة والجهد المبذول لتحقيق أهداف سامية ومفيدة للأمة، فنحن نقدم جزء من أرث أمتنا الحضاري والثقافي وما نكتبه سيبقى لكل الأجيال القادمة.
أشكرك أختي الكريمة على إتاحة الفرصة لي للمشاركة في هذا التحقيق.
والشكر موصول لكل أعضاء وإداري موقع المعالي.
ودمت بخير
محمد بن عبدالعزيز الداود

المهاجرة
إن الأدب الناجح قد يكون جملة أو مثل لا يتعدى السطر وقد تكون لهجته عامية وتسير بها الركبان أجيال و أجيال
لذلك أقول لكل كاتب مبتدئ الأدب هو وصف لحالة إنسانية في المقام الأول لذلك يجب أن تتميز بالإحساس الكامل بها و الصدق و العدالة في الطرح
وعدم التحيز أو المبالغة

المشاركون في التحقيق :
د. ضياء مطر روائي و كاتب في فن المقامة والمقالة والقصة وطبيب بشري عام
م يحي خان روائي ومهندس في شركة سابك في مدينة الجبيل الصناعية
محمد عبدالعزيز الداود روائي، ومدون، ومهتم بالتقنية وبالفنون البصرية
المهاجرة كاتبة روائية ومهتمة بشؤون المرأة و الطفل

ربط التحقيق هنا

http://ajyaal.ma3ali.net/articles-action-show-id-590.htm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *